♥ يوسف السباعي ♥

♥أتدرون ما يحملنا على التعلق بالحياة ؟ أتعرفون ماذا يشدنا اليها ويخيفنا من الخروج منها. أنه شيء واحد: هو صلتنا بمن حولنا. هو حبهم لنا , وحبنا لهم ! اننا نكره ان نغادرها لأننا نخشى الم الفرقة ومرارتها   ♥   
Showing posts with label قصة ::: أمومة كاذبة. Show all posts
Showing posts with label قصة ::: أمومة كاذبة. Show all posts

Tuesday, March 27, 2007

((¯`'•.¸أمومة ... كاذبة¸.•'´¯))














كان يوماً كسائر الأيام .. أستيقظت وقد أتانى صوتها عبر الهاتف ..لتعلمنى بوصولها
منذ يومين

فدعوتها لمنزلى .. لأرحب بها ونتبادل الاحاديث سويا فقد كنت أعلم من صديقتى أنها على خلاف مع زوجها ..

وتحتاج لمن تؤنسها بغربتها فرحبت بأن أساندها متى أحتاجت لى
ففى الغربة نحتاج لمن يأخذ بأيدينا فى لحظات الضيق

أتانى رنين الباب .. فنهضت لأستقبالها بالترحاب .. وكان اللقاء الأول الذى يجمع بيننا ..
فلقد سمعت الكثير عنها من صديقتى .. وسمعت أكثر عن طيبتها وحظها العاثر فى زواجها ..
فنالت عطفى حتى قبل أن أراها ..

ولمحت بعينيها التردد والخجل .. وكأن بداخلها حرج من فرضها لمشاكلها
على أنسانة لاتتعدى حدود معرفتها بها ألا السمع ..

وكان على يديها طفلة صغيرة برائتها وجمالها يخطف النظر كأى طفل صغير
ودخلنا سويا وأنا أحاول أن أظهر لها ترحيبى حتى يتلاشى شعورها بالحرج ..
ومر ما يقارب الساعة حتى ذاب خجلها وترددها معى ..

وقد لمحت شعورها بالراحة فى كل لحظة تمر بنا ..
أما طفلتها فكانت تراقبنا بفضول طفولى .. وتشاغلنى بضحكاتها ..


وبعد فترة ليست بقليلة ..
أنتقلت معها لغرفة المكتب .. حتى تحادث صديقتنا وتطمئن على أحوالها ..
ولكن ما ان رأت الطفلة والدتها تتشاغل عنها بالحديث .. حتى بدأت بكاء هستيرى متلاحق ..
ووقفت ساكنة لا أعرف ماذا أفعل ؟ .. .. .. فلم أكن يوما أجيد التعامل مع الأطفال
ولا يشغلنى بكاء طفل ولا أعرف التعامل معه.
نقيضاً لزوجى .. فلا تستطيع عينيه الأبتعاد عن أى طفل صغير .. ولا يستطيع كبح رغبته فى مداعبة أى طفل يصادفه
وكثيرا ما أندهش من عدم تعاطفى مع الأطفال أو عدم تألمى عند بكاء أى صغير أمامى
ولكنى اليوم وجدت أحساسى مختلف .. وجدتنى أأخذ الطفلة من بين يديها بتردد ..
ولكن بألم يعصر قلبى من بكاءها
ولحظة أن ضممتها لصدرى .. شعرت بحب جارف نحوها ..و سمعت دقات قلبى تكاد تصم أذنى مع صوت بكاءها ..

فتمنيت لو أستطيع أن أهبها الدنيا حتى ترضى وتنير شفتيها أبتسامتها البريئة وترجتنى صديقتى أن أأخذ طفلتها بعيدا حتى تستطيع أن تنهى المكالمة ..

أبتعدت بها .. ولا أدرى كيف تدفقت على شفتى كلمات لم أعرفها من قبل .. فهدهدتها .. وبدأت أتكلم معها كما لو كانت طفلتى ..

وضممتها بين ذراعى ومشاعر كثيرة تتدفق بداخلى .. وحنان وحب من نوع غريب لم أشعر به من قبل يجتاحنى

ومرت دقائق و أنا أنظر إليها وملامحها تحفر بداخلى دون شعور منى .. و أحسست بيديها تستكشف وجهى ببرائة ساحرة
ودقات قلبى يزداد أضطرابها .. وكيانى يهتز دون قدرة منى على السيطرة ..

فاخذت أضمها لصدرى أكثر .. ومع كل ضمة يزداد حبى وتعلقى بها .. .. وملأنى أحساس غامر بأنها قطعة منى ..
وكأن انتمائها لى أنا .. وبدأت أخاف أن تنهى والدتها المكالمة .. وما بين دقيقة و أخرى أطمئنها و أحثها على أن تستزيد من حديثها .. وكلما سكنت طفلتها بين ذراعى أنفرجت أساريرها .. وملأها شعور بالراحة ..

ووجدتنى أكاد أجن وأحدث الطفلة كما لو كانت أبنتى أنا .. طوال الساعة ولسانى يهديها أعذب الكلمات كما لو كانت طفلتى
وهى تزداد تعلقا بى وأبتسامتها تتسع ..

وسمعت صوت الباب يغلق .. ووجدت زوجى أمامى يرحب بى كعادته .. ولكنى لم ألتفت ألا بعد لحظات قليلة ..
فوجدته قد جمد مكانه .. وهو ينظر لى بأندهاش عجيب ..

حتى اقترب منى .. وهو ينظر لها بنظرة عجيبة .. وتناولها منى بلهفة وهو ينقل نظراته ما بين ملامح وجهى وملامحها
وفطنت لحظتها .. بان هناك تشابه كبير بيننا .. ولكنى لم أدركه حتى رأيت نظرة زوجى لنا.
وقفنا سويا نهدهدها ونحتضنها بلهفة عجيبة وعييوننا معلقة بها .. والوقت يمر معها سريعا

وأحسسنا بكلمات ثقيلة تعلق بيننا .. وعيوننا تبرق بدموع مستترة
وخرجت ضيفتى .. لتستأذن فى الرحيل .. وأضطررت لأن أنبه زوجى بأن يترك الطفلة لى حتى تأخذها والدتها وترحل
وأعطيتها لها بكل سرور وسعادة وكأنى أزيح عن كاهلى هم ثقيل .. وبداخلى شعور فرح برحيلهم سوياً

وخرجت صاحبتى .. و أوصدت من ورائها الباب وكأنى أدفع رياح عاتية من الألم والسعادة .
وظللت وقت طويل مجمدة مكانى ..

ودخلت على زوجى .. فكلاً منا صامت .. ويتحاشى أن تتلاقى نظراتنا
ولم أستطع النوم ليلتها .. فكنت ما زلت أشعر بانفاسها .. ورائحتها تملأ أنفى .. وصوتها يداعب أذنى .. وأشعر بلمسات يديها الصغيرتين على كل قطعة من وجهى ..وما زال حضنى دافىء من ضمى لها .. دفء عجيب لم أشعر به من قبل .

وأخيراً مرت ليلتى بعد طول أرق .. لأستيقظ على رنين هاتفى .. فسمعت صوت صاحبتى وهمهمات طفلتها

وطلبت أن تلاقينى .. وصوتها منهار من الحزن .. فلقد تشاحن معها زوجها ..
تهربت منها .. وتحججت بأرتباطى بموعد .. و شعرت بأحراجها ..
وطلبت منى أن نتقابل بأسرع وقت تتيحه لى ظروفى ..

وأغلقت الهاتف .. ووجدت زوجى مستيقظ بجانبى وينظر لى بعتاب .. ولكن نظرتى أوقفته .. فلقد تدافعت الدموع بعينى وأختنق صوتى

و أنا أعلن له بأنى لن أراها بعد الآن .. ولن أتنازل عن قرارى مهما كانت المبررات أو الأعتبارات

وصمت دون أن يعلق سوى بكلمتين - كما تحبى
ولم يثير الموضوع أبداً بعدها .. وكلما تكررت مكالمات صاحبتى .. تهربت .. وتعذرت بأعذار واهية
إلى أن شعرت بالأحراج .. وقطعت معى أى أتصال .. وكانت هذه هى زيارتها الأولى والأخيرة


ومر عام .. ولكنى كلما تذكرتها .. ملأنى أحساس بشع بالذنب .. وشعور مميت بالخسة والقسوة فى تصرفى معها .. فلقد جرحتها عن سبق عمد ..
و أردت أن يصلها عدم رغبتى فى مد أى أواصر للصداقة بيننا

ولكن رغماً عنى ........... فمازلت كلما رأيت طفلة أتذكر طفلتها ..
كلما أخذتنى أحلامى وتمنيت نعمة الأمومة تنقش ملامح طفلتها بداخلى ..
وكثيراً ما يدور تساؤل بداخلى .. عن أحساسى لو رأيتها مرة اخرى.. وشعورى تجاهها هل سيختلف .. أم سأزداد حبا وولعاً بها ..

ولكنى لا أستطيع ان أرضى حيرتى .. فلن أتحمل المجازفة برؤيتها مرة أخرى ولن أستطيع أن أسأل والدتها المعذرة على خستى معها .. فبماذا أبرر لها جفوتى

فما زالت أبنتها تسكننى .. وولعى بها ما زال يؤرقنى

ولا أملك سوى الدعاء لها بأن يرزقها الله برها ويرزقنى الرحمن طفلة مثلها